-حكاية فأر الحقول مع فأر المنازل -
فأر منزل نزل مرة ضيفا على فأر الحقول، وسأل مضيفه قائلا:
- كيف تعيش ياصاحبي في هذا المكان الهادئ هدوء القبور؟
أليست الحياة صعبة عليكم بين هذه الحقول الكبيرة المقفرة المهجورة؟
ألا تشعر بالخوف والخطر في هذا المكان البعيد عن العمران؟
فأجابه فأر الحقول قائلا: إن كل ماذكرته قد تعودنا عليه، ولكن الذي يقتلنا هنا هو الملل، ربما أنتم أهل القرى والمدن أسعد حالا منا نحن أهل البراري والحقول.
فرد عليه فأر المنازل قائلا: في الحقيقة أننا لانشكو من شيء، فأنا غني عندي في المنزل الذي أقيم فيه مالذ وطاب من أنواع الجبن وأصنافها، ومن أنواع الحلويات ماتشتهي النفس.
أرجو أن تشرفني بزيارة لترى بنفسك الهناء الذي نحن فيه.
بعد أيام قضاها الفأران متنزهين بين البساتين وفي الحقول عاد فأر المدينة ومعه صاحبه الجديد إلى البيت الذي يقيم فيه، وأخذه في نزهة ليلية وعرض على صاحبه ما يملكه أصحاب المنزل من قمح وجبن وسمن قائلا لضيفه:
- أنا آكل ما أشاء متى أشاء ، وليس عندي من ينغص عيشتي في هذا البيت أحد.
وخلال تجولهما داخل المنزل، لمح فأر الحقل مخلوقا غريبا لم ير له شبيها من قبل، فسأل مضيفه عنه قائلا:
- من يكون ذلك المخلوق الكئيب الجالس هناك في الركن البعيد حزينا وكأنه قد فقد عزيزا عليه منذ زمن قريب؟
قال مضيفه: - أتقصد ذلك الجالس هناك قرب المدفأة، وهو ينظف شعره بلسانه مغمضا عينيه؟
إنه جارنا، وكان له إبن يلقبه الناس بالأنيق وهو كان يدعوه: غصن الفضة، مات منذ أيام وسيسعده إن تقدمت إليه بتعازيك.
فصدق الريفي البسيط مكر إبن المدينة وتقدم من القط الذي ما أن لمحه إلا أن قفز ليصبح المسكين بين أنيابه وهو يصيح مستغيثا بصاحبه: صوي... صوي ... ( بالشركسية: خير ... خير...).
فأجابه فأر المدينة من بعيد وكأنه يكلم نفسه: خيرا كان أم شرا هذا هو أسلوب معيشتنا في المدينة.
وعاد ألى وكره وكأن شيئا لم يكن.
على المرء أن يبتعد عن الطيبة الزائده، وأن لايطمئن للأغراب بسرعة..
حكايات على لسان الحيوان من الفولكلور الشركسي (8) ترجمة نيازي عز الدين
******************
مع التحيات موقع منظمة التضامن لقفقاسي العراق