انقرة - 27 - 3 (كونا) -- يشكل الشركس احدى قبائل شمال غرب القوقاز التى هجرت من بلادها على يد الروس فى العام 1864 واستقبلتهم الامبراطورية العثمانية ووطنتهم في اراضيها.
ويتواجد اليوم في تركيا ما يقارب السبعة ملايين مواطن قوقازي الاصل يعيشون في اقليم (مرمرة) داخل الاناضول في منطقة البحر الاسود و شرق الاناضول.
وتقلد القوقازيون في وطنهم المضيف مناصب مرموقة في عدة مجالات كالسياسة والفن والاقتصاد والتعليم وغيرها من المجالات حيث حرص الشركس على الحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم الشعبية من خلال انشاء جمعيات ووقف قوقازي وهي مؤسسات ذات نفع عام تقوم بتنظيم حفلات فولكلورية وطبع كتب تعبر عن حنين القوقاز للعيش في بلادهم في حرية وامان.
وقال عضو المجلس الاداري لجمعية الشركس في مدينة انقرة المحامي فخري هوفاج حول ما اسماه ب "ملحمة تاريخ هجرة الشركس من شمال القوقاز" في حديث لوكالة الانباء الكويتية (كونا) انه بعد استيلاء روسيا القيصرية على القوقاز في العام 1864 وتهجير نحو المليون ونصف من السكان خارج اوطانهم بشكل جماعي استوطن قسم كبير منهم الاراضي التركية التي كانت في ذلك الحين ارضا عثمانية.
واضاف هوفاج وهو احد اهم الباحثين في تاريخ شعوب شمالي القوقاز وله عدة موءلفات ان الامبراطورية العثمانية استخدمت اللاجئين القادمين من شمال القوقاز في احكام قبضتها على ارجاء الامبراطورية فوطنتهم في اسيا الصغرى و في المناطق الواقعة تحت نفوذها بشكل محدود حيث شكل المسلمون فيها اقلية.
واوضح انه من الدهاء السياسي للحكومة العثمانية انذاك ان تسمح لعائلة قوقازية واحدة فقط ان تستوطن ضمن كل اربع عائلات تركية وبهذا الشكل اصبح اللاجئون مبعثرين في مختلف ارجاء الامبراطورية العثمانية وذلك اتقاء لطابعهم القتالي مشيرا الى ان الكثير منهم ارسل الى سوريا وفلسطين ودول البلقان.
وذكر ان المهاجرين من شمال القوقاز عاشوا في بادىء الامر ضمن مستوطنات متناثرة في تركيا ولا سيما في وسط وغرب الاناضول موضحا انه سرعان ما تناقصت النسبة المئوية لسكان شمال القوقاز الذين عاشوا في المجتمعات الريفية خلال ال25 عاما الاخيرة.
وفي ما يتعلق بالانتقال من الريف الى المدينة او ما يسمى بالهجرة الداخلية قال هوفاج ان تقديرات منظمات الهجرة العالمية في عام 1995 تفيد ان ما نسبته 60 في المئة من سكان شمالي القوقاز يعيشون داخل المدن التركية الكبرى.
واعرب في هذا السياق عن اسفه قائلا لهذا السبب ولاسباب اخرى اخذت جميع اللغات القوقازية تضمحل في تركيا في سياق التمدن مشيرا الى ان الثقافة وكل هذه الكتلة الاعلامية الضخمة الموجودة تنطق باللغة التركية.
وقال ان هذا ادى الى مواجهة صعوبة جمة لتعليم الاجيال الجديدة التحدث باللغة القوقازية مبينا ان من قدر لهم العيش في المجتمعات الريفية المعزولة فقد تمكنوا من حماية لغتهم القومية وهويتهم الثقافية.
واوضح هوفاج ان غالبية المهاجرين القوقازيين يعتنقون الديانة الاسلامية بما فيهم الابخاز والاوستيين وهما قبيلتين شركسيتين من بلاد قوقازيا.
ويفترض المهاجرون القوقازيون في ما بينهم ان روسيا قد هجرتهم من اراضيهم بسبب اعتناقهم الدين الاسلامي ولذلك فان الصيغ الاسلامية اجزاء اصلية من هويتهم الذاتية حيث شكل الدين عبر التاريخ دافعا هاما لابداء ولائهم للدولة التركية.
والزي القوقازي الشركسي التقليدي لرجالهم هو عبارة عن سروال ملون فضفاض يتوسطه سكين طويل مستقيم اضافة الى قميص تلبس فوقه سترة كبيرة من الجلد مع جيوب خاصة للرصاص وينتعل حذاء طويل من الجلد اما غطاء الراس فهو قبعة سوداء اللون مصنوعة من الجلد.
اما لباس المراة الشركسية التقليدي فهو عبارة عن ثوب طويل فضفاض تتوسطه زخارف خفيفة في منطقة الصدر مع قبعة طويلة يتدلى من اعلاها منديل شفاف ليغطي الراس ويدعى بالشركسية شامية.
وحافظ المطبخ الشركسي رغم تاثره بالمطبخ التركي على الاكلات الشعبية الخاصة به ومن اشهر هذه الاكلات الشركسية (حلجوا) وهي عبارة عن عجين محشو بالجبن او السبانخ وهي دائرية الشكل تقلى بالزيت اذا كانت محشوة بالجبن اما اذا كانت محشوة بالسبانخ فهي توضع بالفرن وتوزع هذه الاكلة على وجه الخصوص في الماتم ودور العزاء.
وفي مقابلة مع احد اعضاء فرقة الرقص الشعبية التابعة للجمعية الشركسية في مدينة انقرة بيرك ارسلان قال ل (كونا) ان الموسيقى الشركسية مليئة بالالحان التي يرافقها الغناء والرقص.
واضاف ان الادوات الموسيقية الشركسية كثيرة منها الناي والاوكورديون والدف مشيرا الى ان الموسيقى الشركسية تنقسم الى وتيرتين من حيث الاداء الاولى بطيئة وتدعى (كاشوا) وهي عبارة عن موسيقى هادئة ترافقها رقصة باسم (زافاكوا) ويوديها راقص وراقصة بحيث يقفان امام بعضهما البعض ويتبادلان الاماكن اثناء تادية الرقصة بحركات فنية جميلة مميزة وهي معدة لكبار السن.